يجهل كثيرون ممّن يرغبون في إنقاص أوزانهم الاضطرابات الصحية التي قد تصيب أجسامهم نتيجة عدم إلمامهم بالأسس الغذائية الواجب مراعاتها عند اتّباع الحميات الغذائية الهادفة إلى تخسيس الوزن. "سيدتي" تسأل الاختصاصية في التغذية العلاجية بـ "المركز الطبي الدولي" بجدة سمية صالح عن أكثر الأخطاء الغذائية شيوعاً والأسس العلمية في تصحيحها.
الخطأ الأول: "الكربوهيدرات" مسؤولة وحدها عن الزيادة في الوزن:
احذري الافراط في تناول النشويات
ثمة أنظمة غذائية تحثّ متتبّعيها، خلال الأسابيع الأولى، على إلغاء "الكربوهيدرات" وخصوصاً النشويات (الأرز والمعكرونة والخبز والبطاطا) من لائحة وجباتهم اليومية، كما تضع الحلويات والشوكولاته والعصائر المحلاة في خانة الممنوعات. ولكن، تثبت دراسة صادرة حديثاً عن "هيئة التغذية الأميركية"American Nutrition Association (ANA) أن زيادة وزن الجسم بسبب "الكربوهيدرات" تحدث في حالة واحدة فقط ألا وهي الإفراط في تناول كميات كبيرة من "الكربوهيدرات" بنسبة تفوق احتياجات الجسم لها، ما يؤدّي إلى عدم توازن مكوّنات الطعام. فعلى سبيل المثال، إذا كان النظام الغذائي يحتوي على نسبة قليلة من الدهون وكمية كبيرة من "الكربوهيدرات" فستتحوّل هذه الزيادة إلى "غلوكوز" يعجز الجسم عن استقلابه بالكامل، وبالتالي تتحول إلى دهون تختزن في الجسم. ويفيد الباحثون القيّمون على هذه الدراسة أن تناول المواد الكربوهيدراتية (النشويات والسكريات) يؤدي إلى تنشيط البنكرياس لإفراز هرمون "الأنسولين" وضخّه في الدم لمقابلة هذا الارتفاع المفاجئ في سكر الدم، علماً أن هرمون "الأنسولين" يعمل على تحويل "الغلوكوز" إلى مركب "الجليكوجين" الذي يختزن في عضلات الجسم والكبد ويعدّ مصدر الوقود الذي يحترق ويمدّ الجسم بالطاقة اللازمة عند قيامه بأي نشاط بدني طيلة اليوم. ومن هذا المنطلق، يعزو الباحثون أسباب زيادة الوزن بسبب "الكربوهيدرات" إلى قلّة النشاط الحركي والبدني، حيث لا يتم استهلاك "الجليكوجين" المخزّن في الكبد والعضلات، ما يجعل تلك الأعضاء غير قادرة على استيعاب كميات إضافية من "الجليكوجين"، وبالتالي تتحوّل تلك الزيادة في "غلوكوز" الدم إلى دهون تُخزّن في الخلايا الدهنية بفعل "الأنسولين" الذي يحمل لقب "مخزن الدهون".
الخطأ الثاني: الصوم التام عن تناول الطعام لأسابيع عدّة ينقص الوزن:
يعتقد كثيرون أن الاكتفاء بشرب من 3 إلى 4 لترات من الماء يومياً لمدة قد تتراوح بين 4 و 6 أسابيع قادر على إنقاص أوزانهم بمعدّل يتراوح من 5 إلى 10 كيلوغرامات، بدون التأثير على صحتهم أو مستوى نشاطهم! وفي هذا الإطار، يذكر بحث صادر عن "هيئة الغذاء والدواء الأميركية" أن الصيام الكامل عن الطعام يؤدي إلى قيام الجسم بإحراق "الجليكوجين" المختزن في العضلات والكبد، يتبعه إحراق بروتين العضل نفسه، وهي الحالة التي يطلق عليها العلماء اسم "التهام الجسم لنفسه"، بالإضافة إلى تخلّف كميّات كبيرة من فضلات احتراق البروتين، ما يؤدي إلى إرهاق الكلى التي تضطرّ إلى مضاعفة نشاطها في سبيل التخلّص من هذه الفضلات. ويدفع الصيام التام عن الطعام الجسم إلى خفض معدل الأيض إلى الحد الأدنى للتعايش مع حالة الحرمان من الطعام (المجاعة)، الأمر الذي يحدث زيادة واضحة في الوزن بمجرد العودة إلى تناول الطعام مرّة أخرى. ومن جهة أخرى، يؤكد الخبراء على فعالية الصوم لساعات قليلة فقط من اليوم في تنشيط الدورة الدموية ومساعدة الجسم على التخلص من الشوادر الحرة الناتجة عن عمليات الاستقلاب الخلوي فيه.
الخطأ الثالث: يجب عدم تناول غذاء يحتوي على "الكربوهيدرات" والبروتين في الوقت عينه:
تناول الفاكهة مباشرةً بعد الوجبة
الرئيسة يؤخّر الهضم
يعتقد مؤيّدو هذه النظرية أن جسم الإنسان لا يستطيع هضم البروتين إذا كان مختلطاً بـ "الكربوهيدرات"، استناداً إلى أن البروتين يحتاج في هضمه إلى وسط حمضي، في حين أن "الكربوهيدرات" تحتاج إلى وسط قلوي. ولكن، يثبت بحث نشر في "مجلة السمنة الدورية" عكس هذه النظرية، إذ يؤكد أن المواد البروتينية يبدأ هضمها في المعدة مع "الكربوهيدرات" في وسط حمضي، ويستمر هضمها سوياً في وسط متعادل يميل إلى القلوية عند دخولها إلى الأمعاء.
الخطأ الرابع: تناول الفاكهة مباشرةً بعد الوجبة الرئيسة يؤخّر الهضم:
يعتقد البعض أن تناول الفاكهة بعد الطعام مباشرة يؤدي إلى تأخر هضم باقي محتويات الطعام الأخرى لكون الفاكهة سريعة الهضم ما يجعلها تستهلك الجزء الأكبر من عصارة المعدة من الأنزيمات. ولكن، يثبت تقرير غذائي خطأ هذا المعتقد، ويفيد أن كل ما يصل إلى المعدة من طعام (كربوهيدرات أو بروتينات أو دهون أو خضر أو فاكهة) يبقى فيها، حتى يتمّ تفتيته تماماً بعصارة المعدة، ولا يخرج إلى الأمعاء عن طريق الإثنى عشر إلا بعد الانتهاء من هذه العملية تماماً. ويعدّ هذا المسار عملية هضم مبدئية في المعدة لتجهيز الطعام لعمليات الهضم الأساسية بالأمعاء الدقيقة والتي تصبّ فيها الأنزيمات المختلفة، حيث يقوم كل "أنزيم" بعلاج مكوّن الغذاء المخصّص له في الوقت عينه، بالإضافة إلى أن السكريات الموجودة في الفاكهة هي من الأنواع البسيطة التي لا تحتاج إلى استهلاك كميات كبيرة من الأنزيمات لهضمها.
الخطأ الخامس: الخضر الطازجة أكثر فائدة للجسم من المسلوقة:
يعتقد كثيرون خطأً أن تناول الخضر الطازجة (غير المطهوّة) يسمح للجسم بالحصول على أقصى استفادة ممكنة من الفيتامينات والمعادن التي يتم فقد جزء كبير منها أثناء عملية الطبخ. ولكن، توضح دراسة صادرة حديثاً عن "معهد الطبخ الأميركي" أن سلق الخضر على درجة حرارة منخفضة ولمدة قصيرة يساعد على تفتيح خلايا النبات بما يعمل على استخلاص بعض المواد الغذائية المفيدة بشكل أفضل. كما تبيّن أن مادة "ليكوبين" المتوافرة في البندورة تتضاعف كميتها عند إعدادها كحساء مقارنة بما يمكن استخلاصه من الثمار النيّئة، إذ أن عملية الطبخ تساعد على خروج هذه المادة من أنسجة الثمرة ووصولها إلى جسم الإنسان بسهولة. وهذه الأخيرة فعّالة في الوقاية من أخطار الذبحة الصدرية ومن أمراض الأوعية الدموية والإصابة ببعض أنواع السرطان.
الخطأ السادس: الاعتماد على البروتين الحيواني في الحمية ينقص الوزن:
التفاحة احسنلك..
تدعو بعض النظم الغذائية متتبّعيها إلى الاعتماد على البروتين الحيواني، وخصوصاً اللحوم كمكوّن غذائي أساسي، ولكن تثبت دراسة صادرة حديثاً عن جامعة ميونخ الألمانية أن البروتينات تحتاج إلى 25% من طاقة الجسم في هضمها، ما يجعلها تستهلك جزءاً كبيراً من الطاقة الفعلية مقارنة بما تمنحه من طاقة حرارية. ورغم فعاليته في إنقاص الوزن، إلا أن الإكثار من تناوله يمثّل خطورة بالغة على صحة المرء، إذ يرهق الكلى ويؤدي إلى فقد نسبة كبيرة من عنصر الكالسيوم في الجسم ويزيد نسبة حمض اليوريك في الدم ويرفع معدل الحموضة بالجسم.
الخطأ السابع: المحلّيات الاصطناعية تنقص الوزن:
يعتقد من يتناول المحليات الاصطناعية أنه في مأمن من زيادة الوزن، وذلك لاحتوائها على عدد محدود من السعرات الحرارية، ولكن الحقيقة التي توصّل إليها الخبراء في "الجمعية الأميركية للسكري" أنه بعد تناول أي طعام يحتوي على مذاق السكر، تصل إلى المخ إشارة فورية بارتفاع معدل "الغلوكوز" في الدم، ما يؤدي إلى قيام المخ بإرسال إشارة سريعة إلى البنكرياس لإفراز هرمون "الأنسولين" لمقابلة هذا الارتفاع بدون أن يستطيع المخ التفرقة بين المذاق الحلو الناتج عن السكر أو مواد التحلية الأخرى.